فصل: فتنة الموصل ومصر.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.فتنة الموصل ومصر.

وفي سنة سبع وثمانين تغلب العطاف بن سفيان الأزدي على خراسان وأهل الموصل على العامل بها محمد بن العباس الهاشمي وقيل عبد الملك بن صالح فاجتمع عليه أربعة آلاف رجل وجبى الخراج وبقي العامل معه مغلبا إلى أن سار الرشيد إلى الموصل وهدم سورها ولحق العطاف بأرمينية ثم بالرقم فاتخذها وطنا وفي سنة ثمان وسبعين ثارت الحوفية بمصر وهم من قيس وقضاعة على عاملها إسحق بن سليمان وقاتلوه وكتب الرشيد إلى هرثمة بن أعين وكان بفلسطين فسار إليهم وأذعنوا بالطاعة وولي على مصر ثم عزله لشهر وولى عبد الملك بن صالح عليها وكان خراسان أيام المهدي والهادي أبو الفضل العباس بن سليمان الطوسي فعزله الرشيد وولى على خراسان جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعي فأبوه من النقباء من أهل مصر ومقدم ابنه العباس سنة ثلاث وسبعين ثم قدم فغزا طخارستان وبعث ابنه العباس إلى كابل في الجنود وافتتح سابهار ورجع إلى مرو ثم سار إلى العراق سنة ثلاث في رمضان وكان الأمين في حجره قبل أن يجعله في حجر الفضل بن يحيى ثم ولى الرشيد ابنه العباس بن جعفر ثم عزله عنها فولى خالدا الغطريف بن عطاء الكندي سنة خمس وسبعين على خراسان وسجستان وجرجان فقدم خليفة داود بن يزيد وبعث عامل سجستان وخرج في أيامه حصن الخارجي من موالي قيس بن ثعلبة من أهل أوق وبعث عامل سجستان عثمان بن عمارة الجيوش إليه فهزمهم حصين وقتل منهم وسار إلى باذغيس وبوشنخ وهراة فبعث إليه الغطريف اثني عشر ألفا من الجند فهزمهم حصين وقتل منهم خلقا ولم يزل في نواحي خراسان إلى أن قتل سنة سبع وسبعين وسار الفضل إلى خراسان سنة ثمان وسبعين وغزا ما وراء النهر سنة ثمان ثم ولي الرشيد على خراسان علي بن عيسى بن ماهان وقدم إليه يحيى فأقام بها عشرين سنة وخرج عليه في ولايته حمزة بن أترك وقصد بوشنج وكان على هراة عمروية بن يزيد الأزدي فنهض إليه في ستة آلاف فارس فهزمهم حمزة وقتل جماعة منهم ومات عمروية في الزحام فبعث علي بن عيسى ابنه الحسن في عشرة آلاف ففض حربه فعزله وبعث ابنه الآخر عيسى فهزمه حمزة فأمده بالعساكر ورده فهزمهم حمزة وقتل أصحابه ونجا إلى قهستان في أربعين وأثخن عيسى في الخوارج بارق وجوين وفيمن كان يعينهم من أهل القرى حتى قتل ثلاثين ألفا وخلف عبد الله بن العباس النسيقي بزرنج فجبى الأموال وسار بها ومعه الصفة ولقيه حمزة فهزموه وقتلوا عامة أصحابه وسار حمزة في القرى فقتل وسبى وكان علي قد استعمل طاهر بن الحسين على بوشنج فخرج إلى حمزة وقصد قرية ففر الخوارج وهم الذين يرون التحكيم ولا يقاتلون والمحكمة هم الذين يقاتلون وشعارهم لا حكم إلالله فكتب العقد إلى حمزة بالكف وواعدهم ثم انتقض وعاث في البلاد وكانت بينه وبين أصحاب علي حروب كثيرة ثم ولى الرشيد سنة اثنتين وثمانين ابنه عبد الله العهد بعد الأمين ولقبه المأمون وولاه على خراسان وما يتصل بها إلى همذان واستقدم عيسى ابن علي من خراسان وردها إليه من قبل المأمون وخرج عليه بنسا أبو الخصيب وهب ابن عبد الله النسائي وعاث في نواحي خراسان ثم طلبه الأمان فأمنه ثم بلغه أن حمزة الخارجي عاث بنواحي باذغيس فقصده وقتل من أصحابه نحوا من عشرة آلاف وبلغ كل من وراء غزنة ثم غدر أبو الخصيب ثانية وغلب أبيورد ونسا وطوس ونيسابور وحاصر مرو وانهزم عنها وعاد إلى سرخس ثم نهض إليه ابن ماهان سنة ست وثمانين فقتله في نسا وسبى أهله ثم نمي إلى الرشيد سنة تسع وثمانين أن علي بن عيسى مجمع على الخلاف وأنه قد أساء السيرة في خراسان وعنفهم وكتب إليه كبراء أهلها يشكون بذلك فسار الرشيد إلى الري فأهدى له الهدايا والكثيرة والأموال ولجمع من معه من أهل بيته وولده وكتابه وقواده وتبين للرشيد من مناصحته خلاف ما أنهى إليه فرده إلى خراسان وولى على الري وطبرستان ودنباوند وقومس وهمذان وبعث علي ابنه عيسى لحرب خاقان سنة ثمان وثماني فهزمه وأسر إخوته انتقض على علي بن عيسى رافع بن الليث بن نصر بن سيار بسمرقند وطالت حروبه معه وهلك في بعضها ابنه عيسى ثم إن الرشيد نقم على علي بن عيسى أمورا منها استخفافه بالناس وإهانته أعيانهم ودخل عليه يوما الحسين بن مصعب والد طاهر فأغلظ له في القول وأفحش في السب والتهديد وفعل يوما مثل ذلك بهشام بن فأما الحسين فلحق بالرشيد شاكيا ومستجيرا وأما هشام فلزم بيته وادعى أنه بعله الفالج حتى عزل علي وكان ممانقم عليه أيضا أنه لم قتل ابنه عيسى في حرب رافع بن الليث أخبر بعض جواريه أنه دفن في بستانه ببلخ ثلاثين ألف دينار وتحدث الجواري بذلك فشاع في الناس ودخلوا البستان ونهبوا المال وكان يشكو إلى الرشيد بقلة المال ويزعم أنه باع حلي نسائه فلما سمع الرشيد هذا المال استدعى هرثمة بن أعين وقال له: وليتك خراسان وكتب له بخطه وقال له: اكتم أمرك وامض كأنك مدد وبعث معه رجاء الخادم فسار إلى نيسابور وولى أصحابه فيها ثم سار إلى مرو ولقيه علي بن عيسى فقبض عليه وعلى أهله وأتباعه وأخذ أمواله فبلغت ثمانين ألف ألف وبعث إلى الرشيد من المتاع وقر خمسمائة بعير وبعث إليه بعلي بن عيسى على بعير من غير غطاء ولا وطاء وخرج هرثمة إلى ما وراء النهر وحاصر رافع بن الليث بسمرقند إلى أن استأمن فأمنه وأقام هرثمة بسمرقند وكان قدم مرو سنة ثلاث وتسعين.